الخميس، 20 نوفمبر 2008

ضبط باحثة أجنبية تعبث بأقدم مزامير الكتاب المقدس فى المتحف القبطى




كشفتها لجنة دراسة المخطوطات أثناء زيارة مفاجئة
ضبط باحثة أجنبية تعبث بأقدم مزامير الكتاب المقدس فى المتحف القبطى
الجمعة، 14 نوفمبر 2008 - 02:45
كتب دندراوى الهوارى


◄«ماريا هيريرا» تعمل فى مؤسسة الأغاخان المهتمة بالتراث الإسلامى الشيعى ولم تحصل على موافقة قانونية للبحثاللجنة المشكلة بقرار رقم 1569 بتاريخ 29 يونيو 2008 الصادر من الدكتور زاهى حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والخاصة بدراسة المخطوطات القبطية، فوجئت يوم الخميس الموافق 23 أكتوبر الماضى أثناء زيارتها للمتحف بقيام «ماريا هيريرا» الباحثة بمؤسسة «الأغاخان» والتى تهتم بالتراث الإسلامى الشيعى، تقوم بالعبث بمخطوط مزامير داود، والذى يعد أقدم مخطوط للمزامير فى العالم وأهم مخطوطات الكتاب المقدس على الإطلاق والمكتوب على «رق» باللغة القبطية ويرجع إلى القرن الرابع الميلادى، وقد تم العثور على هذا المخطوط فى مقبرة صغيرة أسفل رأس طفلة بجبانة «تل المضل» ببنى سويف عام 1984، والمخطوط مكون من 33 ملزمة ضم بعضها إلى بعض بخيوط।أعضاء اللجنة والتى تضم فى عضويتها الدكتور حجاجى إبراهيم رئيس قسم الآثار بآداب طنطا وعضو مجلس إدارة المتحف القبطى، وجرجس داود الموظف بالكاتدرائية، وسميحة عبد الشهيد مدير عام النشر العلمى بالمتحف القبطى سابقا انزعجوا من المشهد خاصة أن المزمور كان مفككا وتعبث به السيدة «هيريرا» تحت سمع وبصر أمينة المخطوطات بالمتحف دون الحصول على موافقة مجلس إدارة المتحف القبطى حسب القانون.ونظرا لخطورة الأمر أرسل الدكتور حجاجى إبراهيم فاكسا للدكتور زاهى حواس أمين المجلس الأعلى للآثار أبدى فيه انزعاجه مما يحدث من عبث بالمخطوطات داخل المتحف القبطى والسر وراء السماح لباحثة تابعة لمؤسسة الأغاخان التى تهتم بالتراث الإسلامى الشيعى، وتضم باحثين معظمهم يهود بالعبث فى أقدم مزمور وأهمها بالنسبة للكتاب المقدس، موضحا بأنه عند الاستفسار من المسئولين بالمتحف عما إذا كانت هذه الباحثة قد حصلت على إذن من مجلس إدارة المتحف تبين أنها حصلت على موافقة تليفونية من الدكتور زاهى حواس شخصيا وذلك ردا على خطاب مرسل من «لويس مونريال» المدير العام لمؤسسة الأغاخان تحت زعم صيانة وعلاج كتاب المزامير.الدكتور حجاجى إبراهيم كشف لـ«اليوم السابع» بأن «مؤسسة الأغاخان» دائما تدس أنفها فى أشياء تثير الشكوك خاصة أن لها سابقة خطيرة من قبل عندما أصرت على طلب معالجة تمثال الملك «مرنبتاح» وهو الفرعون الذى يتردد أنه فرعون الخروج، وأصرت على نقله من المطرية إلى القلعة وتم العبث به.الدكتور «حجاجى» أشار أيضا إلى أنه اعترض على وجود باحثة الأغاخان وأكد أمام اللواء عبدالحافظ المسئول عن أمن المتحف ومديرة المتحف وماهر فريد عضو مجلس إدارة المتحف أن الدكتور زاهى حواس أمين المجلس الأعلى للأثار وفاروق حسنى وزير الثقافة لا يقبلان بأن يعرضا تراث مصر للخطر، ويسمحا «لكل من هب ودب» بالعبث فى تراث الأمة، خاصة أن هذا المزمور تحديدا قام بمعالجته الدكتور نصر إسكندر خبير الترميم المصرى، وهو ما يسقط حجة أن الباحثة كان هدفها صيانة المزمور، مضيفا بأن نادية طموم التى تردد دائما بأنها مديرة المتحف القادمة قامت بالاتصال بالدكتور زاهى حواس معترضة على ما قام به الدكتور حجاجى إبراهيم من منع الباحثة العبث بالمزمار مما دفع الدكتور حواس إلى إصدار قرار بإيقافها عن العمل ولكن تراجع بعد نصف ساعة فقط.الدكتور حجاجى أكد أنه أرسل أيضا بجانب الفاكس خطابين إحداهما للدكتور زاهى حواس والثانى إلى مدير عام المتحف القبطى، و«اليوم السابع» حصلت على نسخة هذه الخطابات والفاكس علاوة على «أمر كتابى» من مدير عام المتحف القبطى والمؤرخ بتاريخ 20 أكتوبر الماضى يسمح فيه للباحثة بفحص المزمور تحت زعم أنه حصل على موافقة تليفونية من الدكتور زاهى حواس.هذه الواقعة فتحت الباب على مصراعيه أمام سيل من الأسئلة حول سر تكتم المسئولين عن الآثار فى مصر على ما يحتويه المتحف القبطى من مخطوطات ومزامير غاية فى الأهمية وأصبحت مطمعا من الأجانب ورجال الكنيسة من الذين يسلكون كل الطرق للاطلاع على هذه الوثائق ومحاولة العبث بها فى سرية تامة فى الوقت الذى يرفض فيه المسئولون عن الآثار فى مصر السماح للدارسين والباحثين الاطلاع عليها ونشرها تحت مزاعم أن الأمر يتعلق بالعقيدة المسيحية، وهو أمر يتنافى مع الطلب الذى تقدم به الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس ونائب البابا الأول لتصوير المخطوط رقم 153 و146 وهو شخصية دينية هامة علاوة على طلب القس رفائيل ثروت راعى كنيسة ودير مارى مينا العجايبى «بفم الخليج «السماح له بتصوير مخطوطات أرقام 787 و765 و734، والطلب الذى تقدم به الأب أنجليوس النقادى كاهن كنيسة «نقادة» بقنا لتصوير المخطوط رقم 16، علاوة على الطلب الذى تقدم به مركز «الفرنسى سكانى» للدراسات الشرقية يطلب تصوير المخطوط 312.الإثارة تصل إلى ذروتها عند العلم أن المتحف يضم بجانب ما يضم 4 أناجيل وهى بطرس وتوماس والحق والمصريين بالإضافة إلى 52 كتابا مجمل عدد صفحاتها 1125 مكتوبة باللغة القبطية منها 10 مجلدات باللهجة الصعيدية والباقى باللهجة الأخميمية -نسبة إلى أخميم إحدى مدن محافظة سوهاج- وتم اكتشافها عام 1945 مصادفة فى كهف «بجبل الطارف» بالقرب من دير القديس «باخوميوس» المجاور لقرية «حمرة دوم» شمال شرق نجع حمادى بمحافظة قنا، ولذلك يطلق عليها مكتبة نجع حمادى، ويعود تاريخها إلى عام 350 ميلادية.ونظرا لتكتم المسئولين عن الآثار الإعلان على ما تحتويه هذه الأناجيل والمخطوطات دفعت البعض إلى أن يشيع بأنها تضم معلومات مهمة تخص صميم العقيدة المسيحية ويدللون على ذلك بمحاولات القيادات الكنسية الاضطلاع سرا على هذه الأناجيل والمزامير والمخطوطات، بل والبعض يسرح بخياله إلى ما هو أبعد عندما يؤكد أن القيادات الكنسية تحاول إخفاء هذه الوثائق المهمة حتى لا ترى النور، وهنا محاولة خبيثة تحاول أن تعبث فى مناطق ملغمة دون علم أو دراية. وحسب ما أكده الباحث الأثرى باسم سمير الشرقاوى والذى يعد حاليا دراسة عن هذه الأناجيل والمجلدات والتى سترى النور خلال شهر تقريبا أنه رغم الأهمية الشديدة لهذه الوثائق فى دراسة الكتاب المقدس فإنها كانت تسير ببطء شديد وغريب، خاصة أن كنيسة روما عندما تحققت لها السيادة السياسية قامت بحرق بعض الوثائق والكتابات الهامة عن المسيحية الأولى التى رأت أنها متعارضة مع تعاليمها وسيادتها، وهو ما أفقد الكثير من المعلومات عن تاريخ المجموعات المسيحية الأولى بما فيها مصر، إلا أن بعض الرهبان المصريين نجحوا فى إخفاء هذا الكنز الوثائقى المتمثل فى مجلدات نجع حمادى وبنى مزار وغيرها من المخطوطات المسيحية القبطية فى كهوف صعيد مصر، مشيرا إلى أن طبيعة مخطوطات نجع حمادى وما تحتويه من فكر ومعلومات تختلف وتتعارض مع الفكر المسيحى التقليدى الذى اعتنقته الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر منذ القرن الرابع الميلادى.أما المفاجأة التى كشفتها أناجيل ومخطوطات نجع حمادى هى شكل الصليب الذى يطلق عليه «عنخ» باللغة المصرية القديمة والذى يرمز إلى «الحياة» ويعرف الآن بمفتاح سر الحياة والذى يتخذ شكلا مغايرا عن الصليب الرومانى الحالى ويؤكد علماء الآثار الأجانب منهم والمصريون أن الصليب المصرى هو الذى كان يرمز إلى قيامة المسيح خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد، ولم تستخدم الكنائس المسيحية الصليب الرومانى إلا فى النصف الثانى من القرن الرابع.ما قامت به «ماريا هيريرا» الباحثة فى مؤسسة الأغاخان المهتمة بالتراث الإسلامى الشيعى بمحاولة العبث بأقدم وأهم مزمور للكتاب المقدس، وما تردد من اختفاء مزامير وأيقونات فى ظروف غامضة، يدفع المسئولين عن الآثار إلى التحرك وفتح باب دراسة هذه المخطوطات والمحافظة عليها باعتبارها تراث الأمة.